الروائية العراقية بتول الخضيري في رواية جديدة - (غايب) كوميديا سوداء من المشهد العراقي - محمد بكر


قالت الروائية بتول الخضيري عن روايتها الثانية(غايب): أنها رواية التحدي أمام نفسي والناس والنقاد، فلقد طلبت من أستاذي الدكتور مهند يونس أن يكتب المقدمة لكنه رفض وقال أن من يكتب رواية واحدة لا يكفي أن يكون روائياً.
فكان هذا دافعاً لي وعملت بإصرار وجد لكتابة(غايب) وتتناول الرواية التي تقع في 263 صفحة من القطع المتوسط أحوال عائلات عراقية تعيش في شقق سكنية بعمارة وسط بغداد، أنها(كوميديا سوداء) تزخر بمقارنات بين زمن الخير في عراق السبعينات والزمن المتعب في عراق الحصار والحروب، واعتمدت بتول الخضيري علي الشخصيات النسائية بسبب اختفاء الرجال في ظروف غير طبيعية لتصبح أم مازن قارئة الفنجان بمثابة المحلل النفسي لنساء العمارة، الرواية هي صور سينمائية تعكس صراع سكان الشقق من أجل البقاء تحت ضغط حصار اقتصادي وفكري، ما بن السرد الواقعي للحدث والهلوسة السوريالية للشخصيات يتخبط الجميع في كولاج دادائي لخراب البنية التحتية وما ترتب عليه من تهاوي البنية الاجتماعية.
وتقول الخضيري عن روايتها إن الجرح العراقي عميق ولم أتمكن من الكتابة عنه إلا بطريقة ساخرة حسب مقولة(شر البلية ما يضحك) وأضافت ليس لي الحق تحويل مأساة العراق إلي كوميديا لكنها كوميديا تدعو القارئ للتفكير والتأمل وليس للضحك.
تقول الروائية الأردنية سميحة خريس في وصفها للرواية: أن التفصيلة الصغيرة المشغولة علي حد القلم تدخل في صلب الحياة وتصنع شخصية الرواية، وهي في هذا المشوار تبدو كأنها تسير علي حبل مشدود لكنها تعطي للفن مساحته الواسعة ولا تتواني عن التجريب بل واجتراح اللغط الجديد المغاير (غايب) إدانة للواقع من قلب الواقع وفن رفيع ينتمي إلي الرواية الجديدة.
أما القاص يحيي القيس فيقول: أن الواقعية هنا ليست سحرية بل غرائبية فظة تسحب المتلقي للنص إلي دواماتها فتجعله ينهي الرواية دائخاً بين دهاليز التشظي وكأن الخيال يبدو متقزماً أمام الواقع القاسي الحاد.
أما القاصة والمترجمة العراقية مي مظفر المقيمة في الأردن فتقول عن الكاتبة بتول الخضيري: تكاد بتول الخضيري تكون من القلة النادرة من بين الكاتبات والكتاب العرب في تميز أسلوب سردها الروائي وطريقة بنائها للأحداث والشخصيات، ففي لغتها المقتصدة المباشرة واعتمادها علي جزيئات متناهية الصغر في بناء شخصياتها البغدادية والأجواء البغدادية التي يعيشون فيها ملامح واضحة من الرواية الغربية الإنجليزية منها بالتحديد، وهو أمر لا غرابة فيه ولا تكلف فبتول نصفها عراقي والنصف الآخر بريطاني، فهي الأنا والآخر في حالة توافق وانسجام، إنها بلا شك عراقية النشأة والهوي والروح بريطانية الثقافة والسلوك هذا المزيج المركب للعرق واللغة والمشاعر منحها الكثير من حرية التعبير وتلقائيته ويسره.
أما الناشر ماهر الكيالي من دار الفارس للنشر والتوزيع وممثل المؤسسة العربية للدراسات والنشر في الأردن فيقول: تعرفت علي بتول الخضيري قبل ثلاث سنوات عن طريق أحد الروائيين وحين طلبت طبع روايتها الأولي جعلتني في موقف محرج فالمؤسسة العربية للدراسات والنشر طبعت أكثر من 300 رواية لكبار الروائيين وبتقول اسم مغمور في الأدب وطبع كتاب لها بعد مجازفة لأي ناشر يحظي بسمعة طيبة، ولكني اكتشفت بأن بتول مثابرة بعملها وفنها وإبداعها ويسرني أن أبلغكم بأننا أنجزنا طبع الطبعة الثانية لروايتها(غايب) بعد نفاذ الطبعة الأولي خلال ثلاثة أسابيع، وهذا فخر لنا وللروائية الشابة التي أصبحت حديث الأوساط الأكاديمية العربية والأمريكية، لقد حققت نقلة نوعية في زمن قصير.
وتجدر الإشارة إلي أن بتول الخضيري ولدت في بغداد عام 1965 لأب عراقي وأم اسكتلندية وحصلت علي شهادة البكالوريوس في الأدب الفرنسي من الجامعة المستنصرية في بغداد أثناء عملها في مجال الأعمال الحرة الخاصة، تنقلت بين العراق والأردن وبريطانيا وهي تعيش حالياً في عمان، وقدن شرت الخضيري روايتها الأولي (كم بدت السماء قريبة) التي تقرر تدريسها في جامعات عربية وأمريكية وقامت بجولة عالمية في عام 2003 للترويج لكتابها، وسيقام حفل توزيع روايتها الثانية(غايب) في الثلاثين من شهر آب الحالي في دار الأندي بجبل اللويبدة بعمان.
وقالت الروائية العراقية بتول الخضيري بأنها اتفقت مع المخرج العراقي طارق هاشم لتحويل روايتها الأولي( كم بدت السماء قريبة) إلي فيلم سينمائي وشاركت في كتابة السيناريو باللغة الإنجليزية وأشارت في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته في دار الأندي بمناسبة صدور روايتها الثانية(غايب) وحضرته صحيفة(الزمان) إلي أنها التقت بالمخرج طارق الحائز علي جائزة الصقر الذهبي في مهرجان روتردام للسينما العربية لفيلمه التسجيلي الطويل 16 ساعة في بغداد، إضافة إلي مشاركتها في تحرير سيناريو لمسلسل تلفزيوني (عائلة أمريكية) تتحدث عن الحرب الأخيرة ضد العراق عام 2003 وترجمت روايتها الأولي إلي خمس لغات هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والإيطالية.

AZZAMAN NEWSPAPER --- Issue 1901 --- Date 1/9/2004

جريدة (الزمان) --- العدد 1901 --- التاريخ 2004 - 9 - 1